كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أبِالموتِ الذي لابد أَنِّي ** مُلاقٍ- لا أَبَاكِ- تُخَوِّفِيني

فحذف النون. ولو قرئت {فَبِمَ تُبَشِّرُونِّ} بتثقيل النون كان جيدا ولم اسمعه، كأن النون أدغمت وحذفت الياء كما تحذف من رؤوس الاي نحو {بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ} يريد عذابي. وأما قوله: {فَظِلتُمْ تَفَكَّهُونَ} فانها انما كسر أولها لأنه يقول: ظَلِلْتُ فلما ذهب أحد الحرفين استثقالا حولت حركته على الظاء. قال أوس بن مغراء: [من البسيط وهو الشاهد الرابع والسبعون بعد المائة]
مِسْنَا السَّماءَ فَنِلْناها وَطَالَهُمُ ** حَتَّى رَأَوْا أُحُدًا يَهْوِي وَثَهْلانا

لأنها من مَسَسْتُ وقال بعضهم {فَظَلْتُم} ترك الظاء على فتحتها وحذف احد اللامين، ومن قال هذا قال مَسْنا السماءَ. وهذا الحذف* ليس بمطرد، وإنما حذف من هذه الحروف التي ذكرت لك خاصة ولا يحذف الا في موضع لا تحرك فيه لام الفعل، فاما الموضع الذي تحرك فيه لام الفعل فلا حذف فيه.
{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}.
قال: {شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} فأضاف الى البين لأنه قد يكون اسما قال: {لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنُكُمْ} بالضم. ولو قال: {شِقَاقًا بَيْنَهما} في الكلام فجعل البَيْن ظرفا كان جائزا حسنا. ولو قلت {شِقاقَ بينَهما} تريد {ما} وتحذفها جاز، كما تقول: {تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} تريد {ما} التي تكون في معنى شيء. وقال: {تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}. وتقول بينَهُما بَوْنٌ بَعِيدٌ تجعلها بالواو وذلك بالياء. ويقال: بينَهما بَيْنٌ بَعيدٌ بالياء.
{وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}.
قال: {وَالْجَارِ الْجُنُبِ} وقال بعضهم {الجَنْبِ} وقال الراجز: [وهو الشاهد الخامس والسبعون بعد المائة]
الناسُ جَنْبٌ والأَمِيرُ جَنْبُ

يريد بجَنْب: الناحية. وهذا هو المتنحى عن القرابة فلذلك قال جَنِبٌ والجُنُبُ أَيْضًا: المجانبُ للقرابة ويقال: الجانِبُ أيضا.
وأما {الصَّاحِبِ بِالجَنْبِ} فمعناه: هو الذي بجنبك، كما تقول فلان بجنبي وإلى جنبي.
{وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِم عَلِيمًا}.
قال: {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} فان شئت جعلت {ماذا} بمنزلتها وحدها وان شئت جعلت {ذا} بمنزلة الذي.
{يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}.
قال: {وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} أيْ: لا تَكْتُمُهُ الجوارحُ او يقول: لا يَخْفى عَلَيْهِ وإنْ كَتَمُوهُ.
وقال: {لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ} وقال بعضهم {تَسَوَّىَ} وكل حسن.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُواْ وَإِنْ كُنْتُمْ مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّن الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا}.
قوله: {وَلاَ جُنُبًا} في اللفظ واحد وهو للجمع كذلك، وكذلك هو للرجال والنساء، كما قال: {وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} فجعل الظَهيرَ واحدا. والعرب تقول: هُمْ لِي صَدِيقٌ. وقال: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} وهما قعيدان. وقال: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وقال: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} لأنَ فَعُول وفَعِيل مما يجعل واحدا للاثنين والجمع.
وقال: {وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ} لأنه قال: {لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} فقوله: {وأَنْتُمْ سُكَارَى} في موضع نصب على الحال، فقال: {وَلاَ جُنُبًا} على العطف كأنه قال: وَلا تَقْرَبُوها جُنْبًا إِلاّ عابِري سَبِيلٍ كما تقول: لا تَأْتِي إِلاّ رَاكِبًا.
{مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلًا}.
قال: {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ} يقول مِنْهُمْ قَوْمٌ فأضمر القَوْم. قال النابغة الذبياني: [من الوافر وهو الشاهد السادس والسبعون بعد المائة]
كَأَنَّكَ منْ جِمالِ بَنِي أُقَيْشٍ ** يُقَعْقَعُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ

أي: كأنَّكَ جَمَلٌ مِنْها. وكما قال: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} أي: وإِنْ مِنْهُمْ واحدٌ إلاّ لَيُؤْمِنُنَّ به. والعرب تقول: رَأيتُ الذي أَمْسِ أي: رأيتُ الذي جاءَكَ أمْسِ أو تَكَلَّمَ أمْسِ.
{وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا} وقوله: {رَاعِنَا} أي: راعِنا سَمْعَكَ. في معنى: أَرِعْنا. وقوله: {غَيْرَ مُسْمِعٍ} أي: لا سَمِعْتُ أي: لا سُمِعْتَ واما {غَيْرَ مُسْمِعٍ} أي: لا يُسْمَعُ مِنْكَ فأَنْتَ غَيْر مُسْمِعٍ.
وقال: {وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ}. وانما قال: {وَانْظُرْنَا} لأَنَّها من نَظَرْتُه أي: انْتَظَرْتُهُ. وقال: {انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ} أي: انْتَظِرُوا. وأما قوله: {يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} فانما هي: إلى قَدَّمَتْ يَداه. قال الشاعر:
[من الخفيف وهو الشاهد السابع والسبعون بعد المائة].
ظاهِراتُ الجَمالِ والحُسْنِ يَنْظُرْ ** نَ كَما تَنْظُرُ الأَراكَ الظِّباءُ

وان شئت كان {يَنْظُرُ المَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ} على الاستفهام مثل قولك: يَنْظُرُ خيرًا قدّمَتْ يداهُ أَمْ شَرًّا.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}.
قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} الى قوله: {مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا} يقول: من قبل يوم القيامة.
{فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا}.
قال: {وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا} فهذا مثل دَهِين وصَرِيع لأنك تقول: سُعِرَتْ فهِيَ مَسْعُورَةٌ وقال: {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ}.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا}.
قال: {بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ} فان قال قائل: أليس انما تعذب الجلود التي عصت، فكيف يقول: {غَيْرَهَا}؟ قلت: إنّ العرب قد تقول: أَصوُغُ خَاتَمًا غيرَ ذا فيكسره ثم يصوغه صياغة اخرى. فهو الأول إلاَّ أن الصياغة تغيرت.
{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}.
وقال: {وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} أي: {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} وحتى {يُسَلِّمُوا} كل هذا معطوف على ما بعد حتى.
{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}.
قال: {مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ} فرفع {قَلِيلٌ} لأنك جعلت الفعل لهم وجعلتهم بدلا من الأسماء المضمرة في الفعل.
{وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَائِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَائِكَ رَفِيقًا}.
قال: {وَحَسُنَ أُولَائِكَ رَفِيقًا} فليس هذا على نِعْمَ الرَّجُل لأن نِعْمَ لا تقع الا على اسم فيه الألف واللام أو نكرة، ولكن هذا على مثل قولك: كَرُمَ زَيْدٌ رَجُلًا تنصبه على الحال. والرَفِيقُ واحد في معنى جماعة مثل هُمْ لي صَدِيقٌ.
{وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَّعَهُمْ شَهِيدًا}.
قال: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ} فاللام الأولى مفتوحة لأنها للتوكيد نحو: إنَّ في الدّارِ لَزَيْدًا واللام الثانية للقسم كأنه قال: وإنْ مِنْكُمْ مَنْ واللّهِ لَيُبَطِئَنَّ.
{فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.
قال: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ} وقال: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ} أي: يبيعُها. فقد تقع شَرَيْتُ للبيع والشراء.
{وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَاذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ نَصِيرًا}.
قال: {مِنْ هَاذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} فجررت الظالِم لأنه صفة مقدمة ما قبلها مجرور وهي لشيء من سبب الأول، واذا كانت كذلك جرّت على الأول حتى تصير كأنها له.
{مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}.
قال: {وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا} فجعل الخبر بالفاء لأن {مَا} بمنزلة {مَنْ} وأدخلَ {مِنْ} على السيئة لأن {ما} نفي و{مِن} تحسن في النفي مثل قولك: ما جاءَنِي من أحد.
{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}.
قال: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ} أي: ويقولون أَمْرُنا طَاعَةٌ. وان شئت نصبت الطاعة على نُطيعُ طاعةً. وقال: {بَيَّتَ} فذكّر فعلَ الطائفة لأنهم في المعنى رجال وقد اضافها الى مذكرين. وقال: {وَإِن كَانَ طَائِفَةٌ مَّنكُمْ}.
{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلًا}.
قال: {لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلًا} على {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ} {إِلاَّ قَلِيلًا}.
{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلًا}.
قال: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ} جزم على جواب الأمر. ورفع بعضهم على الابتداء ولم يجعله علة للأول وبه نقرأ كما قال: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا} جزم اذا جعله لما قبله علة ورفع على الابتداء وبالرفع نقرأ.
{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا}.
قال: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} فنصب على الحال كما تقول: مالَكَ قائما أي: مالَكَ في حالِ القِيامِ.
{إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا}.